للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ ثَلَاثَةِ شُرَكَاءَ فِي طَاحُونٍ وَلِأَحَدِهِمْ السُّدْسُ وَهُوَ فَقِيرُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يَقْتَاتُ بِهِ سِوَى أُجْرَةِ السُّدْسِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَقَدْ مَنَعُوهُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ إلَّا فِي كُلِّ سِتَّةِ أَيَّامٍ يَوْمًا وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُمْ كُلَّ يَوْمٍ بِقِسْطِهِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى قُوتِهِ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ بِاقْتِدَارِهِمْ عَلَى الْمَالِ وَالْجَاهِ عَلَيْهِ: فَمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ أَنْ يُؤَجِّرُوا الْعَيْنَ وَيُقَسِّمُوا الْأُجْرَةَ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ أَوْ يهايئوه فَيَقْتَسِمُوا الْمَنْفَعَةَ: وَجَبَ عَلَى الشُّرَكَاءِ أَنْ يُجِيبُوهُ إلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ؛ فَإِنْ أَجَابُوهُ إلَى الْمُهَايَأَةِ وَطَلَبُوا تَطْوِيلَ الدَّوْرِ الَّذِي يَأْخُذُ فِيهِ نَصِيبَهُ وَطَلَبَ هُوَ تَقْصِيرَ الدَّوْرِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ دُونَهُمْ؛ فَإِنَّ الْمُهَايَأَةَ بِالزَّمَانِ فِيهَا تَأْخِيرُ حُقُوقِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ عَنْ بَعْضٍ فَكُلَّمَا كَانَ الِاسْتِيفَاءُ أَقْرَبَ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ اسْتِيفَاءِ الشُّرَكَاءِ جَمِيعِهِمْ حُقُوقَهُمْ وَالتَّأْخِيرُ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ فَكُلَّمَا قَلَّ زَمَنُ التَّأَخُّرِ كَانَ أَوْلَى؛ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَعَ التَّأْخِيرِ لَا يُمْكِنُ الشَّرِيكَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إلَّا بِضَرَرِ مِثْلَ إعْدَادِ بَهَائِمَ لِيَوْمِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فِي الْأُسْبُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهُمْ عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرُهُ مَعَ إمْكَانِ التَّعْدِيلِ بَيْنَهُمْ بِلَا ضَرَرٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.