للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَصْلُ وُقُوعِ السَّيِّئَاتِ مِنْهُ عَدَمُ الْعِلْمِ وَالْغِنَى وَلِهَذَا يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} {أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} ؟ {إنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} إلَى نَحْوِ هَذِهِ الْمَعَانِي. وَأَمَّا الْمَوْجُودُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الشَّرِّ الْمَوْجُودِ الَّذِي هُوَ خَاصٌّ كَالْآلَامِ مِثْلُ الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ تَكْذِيبٌ أَوْ اسْتِكْبَارٌ وَالْفُسُوقِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبُ الذَّمِّ وَالْعِقَابِ وَكَذَلِكَ تَنَاوُلُ الْأَغْذِيَةِ الضَّارَّةِ وَكَذَلِكَ الْحَرَكَاتُ الشَّدِيدَةُ الْمُوَرِّثَةُ لِلْأَلَمِ فَهَذَا الْوُجُودُ لَا يَكُونُ وُجُودًا تَامًّا مَحْضًا؛ إذْ الْوُجُودُ التَّامُّ الْمَحْضُ لَا يُوَرِّثُ إلَّا خَيْرًا كَمَا قُلْنَا إنَّ الْعَدَمَ الْمَحْضَ لَا يَقْتَضِي وُجُودًا؛ بَلْ يَكُونُ وُجُودًا نَاقِصًا إمَّا فِي السَّبَبِ وَإِمَّا فِي الْمَحَلِّ كَمَا يَكُونُ سَبَبُ التَّكْذِيبِ عَدَمَ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَسَبَبُ عَدَمِ هَذَا الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ عَدَمُ أَسْبَابِهِ مِنْ النَّظَرِ التَّامِّ وَالِاسْتِمَاعِ التَّامِّ لِآيَاتِ الْحَقِّ وَأَعْلَامِهِ. وَسَبَبُ عَدَمِ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ: إمَّا عَدَمُ الْمُقْتَضِي فَيَكُونُ عَدَمًا مَحْضًا وَإِمَّا وُجُودُ مَانِعٍ مِنْ الْكِبْرِ أَوْ الْحَسَدِ فِي النَّفْسِ {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} وَهُوَ تَصَوُّرٌ بَاطِلٌ وَسَبَبُهُ عَدَمُ غِنَى النَّفْسِ بِالْحَقِّ فَتَعْتَاضُ عَنْهُ بِالْخَيَالِ الْبَاطِلِ.