وَ " الْحَسَدُ " أَيْضًا سَبَبُهُ عَدَمُ النِّعْمَةِ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا مِثْلَ الْمَحْسُودِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ كَرَاهَةَ الْحَاسِدِ لَأَنْ يُكَافِئَهُ الْمَحْسُودُ أَوْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْفُسُوقُ كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَسَائِرِ الْقَبَائِحِ إنَّمَا سَبَبُهَا حَاجَةُ النَّفْسِ إلَى الِاشْتِفَاءِ بِالْقَتْلِ وَالِالْتِذَاذِ بِالزِّنَا وَإِلَّا فَمَنْ حَصَلَ غَرَضُهُ بِلَا قَتْلٍ أَوْ نَالَ اللَّذَّةَ بِلَا زِنًا لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَالْحَاجَةُ مَصْدَرُهَا الْعَدَمُ وَهَذَا يُبَيِّنُ - إذَا تَدَبَّرَهُ الْإِنْسَانُ - أَنَّ الشَّرَّ الْمَوْجُودَ إذَا أُضِيفَ إلَى عَدَمٍ أَوْ وُجُودٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وُجُودًا نَاقِصًا فَتَارَةً يُضَافُ إلَى عَدَمِ كَمَالِ السَّبَبِ أَوْ فَوَاتِ الشَّرْطِ وَتَارَةً يُضَافُ إلَى وُجُودٍ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ تَارَةً بِالسَّبَبِ النَّاقِصِ وَالْمَحَلِّ النَّاقِصِ وَسَبَبُ ذَلِكَ إمَّا عَدَمُ شَرْطٍ أَوْ وُجُودُ مَانِعٍ وَالْمَانِعُ لَا يَكُونُ مَانِعًا إلَّا لِضِعْفِ الْمُقْتَضِي وَكُلُّ مَا ذَكَرْته وَاضِحٌ بَيِّنٌ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعَ فَفِيهِ غُمُوضٌ يَتَبَيَّنُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَلَهُ طَرَفَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَكُونُ سَبَبُهُ عَدَمًا مَحْضًا. و " الثَّانِي " أَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْعَدَمِ الْمَحْضِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالْبَدِيهَةِ أَنَّ الْكَائِنَاتِ الْمَوْجُودَةَ لَا تَصْدُرُ إلَّا عَنْ حَقٍّ مَوْجُودٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute