سَاقِهِ فَمَعَ عَدَمِ التَّعْرِيفِ بِالْإِضَافَةِ لَا يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ إلَّا بِدَلِيلِ آخَرَ وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ بِتَأْوِيلِ إنَّمَا التَّأْوِيلُ صَرْفُ الْآيَةِ عَنْ مَدْلُولِهَا وَمَفْهُومِهَا وَمَعْنَاهَا الْمَعْرُوفِ؛ وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ اللَّفْظَ عَلَى مَا لَيْسَ مَدْلُولًا لَهُ ثُمَّ يُرِيدُونَ صَرْفَهُ عَنْهُ وَيَجْعَلُونَ هَذَا تَأْوِيلًا، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " لَوْ كَانَ نُورًا حَقِيقَةً - كَمَا تَقَوَّلَهُ الْمُشَبِّهَةُ - لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الضِّيَاءُ لَيْلًا وَنَهَارًا عَلَى الدَّوَامِ ": فَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ. فَإِنَّ الْمُشَبِّهَةَ يَقُولُونَ: إنَّهُ نُورٌ كَالشَّمْسِ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فَإِنَّهُ لَيْسَ كَشَيْءِ مِنْ الْأَنْوَارِ كَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَيْسَتْ كَشَيْءِ مِنْ الذَّوَاتِ؛ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نُورًا يَحْجُبُهُ عَنْ خَلْقِهِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: {حِجَابُهُ النُّورُ - أَوْ النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ} . لَكِنَّ هُنَا غَلَطٌ فِي النَّقْلِ وَهُوَ إضَافَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى الْمُشَبِّهَةِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَقْوَالِ الْجَهْمِيَّة الْمُعَطِّلَةِ أَيْضًا كالمريسي فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ. إنَّهُ نُورٌ وَهُوَ كَبِيرُ الْجَهْمِيَّة؛ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ بِالْمُشَبِّهَةِ مَنْ أَثْبَتَ أَنَّ اللَّهَ نُورٌ حَقِيقَةً فَالْمُثْبِتَةُ لِلصِّفَاتِ كُلُّهُمْ عِنْدَهُ مُشَبِّهَةٌ وَهَذِهِ " لُغَةُ الْجَهْمِيَّة الْمَحْضَةِ " يُسَمُّونَ كُلَّ مَنْ أَثْبَتَ الصِّفَاتِ مُشَبِّهًا. فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ ابْنَ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيَّ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرَا أَنَّ نَفْيَ كَوْنِهِ نُورًا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute