للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَلَفْظُ النِّيَّةِ يُرَادُ بِهَا النَّوْعُ مِنْ الْمَصْدَرِ وَيُرَادُ بِهَا الْمَنْوِيُّ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي هَذَا لَعَلَّهُ أَغْلَبُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِحَسَبِ مَا نَوَاهُ الْعَامِلُ أَيْ: بِحَسَبِ مَنْوِيِّهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمَامِهِ {فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فَذَكَرَ مَا يَنْوِيهِ الْعَامِلُ وَيُرِيدُهُ بِعَمَلِهِ وَهُوَ الْغَايَةُ الْمَطْلُوبَةُ لَهُ. فَإِنَّ كُلَّ مُتَحَرِّكٍ بِالْإِرَادَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَادٍ. وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ} فَإِنَّ كُلَّ آدَمِيٍّ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ وَالْحَارِثُ هُوَ الْعَامِلُ الْكَاسِبُ وَالْهَمَّامُ الَّذِي يَهُمُّ وَيُرِيدُ. قَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} فَقَوْلُهُ حَرْثَ الدُّنْيَا أَيْ كَسْبَهَا وَعَمَلَهَا وَلِهَذَا وَضَعَ الْحَرِيرِيُّ مَقَامَاتِهِ عَلَى لِسَان الْحَارِثِ بْنِ هَمَّامٍ لِصِدْقِ هَذَا الْوَصْفِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ.