للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدِيثٍ أَوْ بَعْضِ مَسَائِلِ الْعِلْمِ لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُمَا خَصْمَانِ فِيمَا تَنَازَعَا فِيهِ. وَالْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ عَلَى خَصْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ. الثَّامِنَ عَشَرَ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَنْقُولَةٌ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ وَهَؤُلَاءِ حَكَمُوا فِيهَا بِخِلَافِ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَذَاهِبَ أَئِمَّتِهِمْ وَلَا مَذَاهِبَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ وَلَا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالْآثَارُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْحُكْمِ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ أَنَّ الَّذِي حَكَمَ بِهِ هُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فَلْيَكْتُبْ خَطَّهُ بِذَلِكَ وَلْيَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِيهَا مِنْ إجْمَاعٍ وَنِزَاعٍ وَأَدِلَّةِ ذَلِكَ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِخِلَافِ جَوَابِ الْمُفْتِي قَوْلٌ بَاطِلٌ؛ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُمْ حَكَمُوا بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهَذَا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.

التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ عَارِفًا بِمَذْهَبِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِمَذْهَبِهِ وَلَا يَقُولَ: يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنَّكُمْ تُفْتُونَ بِمَذْهَبِيِّ وَأَنَّهُ أَيُّ مَذْهَبٍ خَالَفَ مَذْهَبِي كَانَ بَاطِلًا؛ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ عَلَى مَذْهَبِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ خَالَفَ مَذْهَبِي فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ وَيَجِبُ مَنْعُ الْمُفْتِي بِهِ وَحَبْسُهُ لَكَانَ مَرْدُودًا عَلَيْهِ وَكَانَ مُسْتَحِقًّا الْعُقُوبَةَ عَلَى ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ لَيْسَ هُوَ مَذْهَبَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي هُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِجْمَاعِ؛ دُونَ مَنْ أَنْكَرَ قَوْلَهُ وَخَالَفَ الْإِجْمَاعَ.