للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُوتُوا النُّبُوَّةَ وَالْمُلْكَ لَهُمْ مُلْكٌ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ مِنْ السُّعَدَاءِ فَقَدْ يَظُنُّ ذُو الْجَدِّ - الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِهِ - أَنَّهُ كَذَلِكَ. فَقَالَ {وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك} ضَمَّنَ " يَنْفَعُ " مَعْنَى " يُنْجِي وَيُخَلِّصُ " فَبَيَّنَ أَنْ جَدَّهُ لَا يُنْجِيهِ مِنْ الْعَذَابِ. بَلْ يَسْتَحِقُّ بِذُنُوبِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَمْثَالُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ جَدُّهُ مِنْك. فَلَا يُنَجِّيهِ وَلَا يُخَلِّصُهُ. فَتَضَمَّنَ هَذَا الْكَلَامَ تَحْقِيقَ التَّوْحِيدِ وَتَحْقِيقَ قَوْلِهِ {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وَقَوْلِهِ {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وَقَوْلِهِ {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} وَقَوْلِهِ {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلًا} {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} . فَقَوْلُهُ {لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت} تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ الَّذِي يَقْتَضِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ: هُوَ الَّذِي يُسْأَلُ وَيُدْعَى وَيُتَوَكَّلُ عَلَيْهِ. وَهُوَ سَبَبٌ لِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ وَدَلِيلٌ عَلَيْهِ. كَمَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يُقِرُّونَ بِهَذَا التَّوْحِيدِ - تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ - وَمَعَ هَذَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ. فَيَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ. وَيَقُولُونَ: إنَّهُمْ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَهُ وَإِنَّهُمْ يَتَقَرَّبُونَ بِهِمْ إلَيْهِ. فَيَتَّخِذُونَهُمْ شُفَعَاءَ وَقُرْبَانًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا