فِي أَنَّهُ لَا يُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ فَأَمَّا كَرَاهِيَتُهُ اللَّعِبَ بِهَا فَقَدْ صَرَّحَ بِهَا فِيمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَوْلَى بِمَذْهَبِهِ. فَاَلَّذِينَ كَرِهُوا أَكْثَرُ وَمَعَهُمْ مَنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الشِّطْرَنْجُ مَيْسِرُ الْعَجَمِ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمِ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ وَقَالَ: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} ؟ لَأَنْ يَمَسَّ أَحَدُكُمْ جَمْرًا حَتَّى يُطْفَأَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا. وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِمَجْلِسِ مِنْ مَجَالِسِ تَيْمِ اللَّهِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لِغَيْرِ هَذَا خُلِقْتُمْ أَمَا وَاَللَّهِ لَوْلَا أَنْ يَكُونَ سُنَّةً لَضَرَبْت بِهَا وُجُوهَكُمْ وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَلِيَ مَالَ يَتِيمٍ فَأَحْرَقَهَا. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: هُوَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَا يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ إلَّا خَاطِئٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَهُ الْكَيْلَ وَإِنْ لَمْ يُقَامَرْ عَلَيْهَا. وَأَبُو سَعِيدٍ الخدري كَانَ يَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا. فَهَذِهِ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ صَحَابِيٍّ خِلَافُ ذَلِكَ. ثُمَّ رَوَى البيهقي أَيْضًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفِ بِالْبَاقِرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: دَعُونَا مِنْ هَذِهِ الْمَجُوسِيَّةِ. قَالَ البيهقي: رَوَيْنَا فِي كَرَاهِيَةِ اللَّعِبِ بِهَا. عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَمُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِين وَإِبْرَاهِيمَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. قُلْت: " وَالْكَرَاهِيَةُ " فِي كَلَامِ السَّلَفِ كَثِيرًا وَغَالِبًا يُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ؛ بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ وَالنَّرْدُ حَرَامٌ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِوَضٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute