أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: سَأَلْت الزُّبَيْدِيَّ وَالْأَوْزَاعِي عَنْ الْجَبْرِ؛ فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يَعْضُلَ وَلَكِنْ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبِلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّ. وَقَالَ الأوزاعي: مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ؛ فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ؛ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ؛ وَإِنَّمَا وَضَعْت هَذَا مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَابَ رَجُلٌ تَابِعِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ. فَهَذَانِ الْجَوَابَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا هَذَانِ الْإِمَامَانِ فِي عَصْرِ تَابِعِي التَّابِعِينَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ. أَمَّا " الزُّبَيْدِيُّ " فَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ صَاحِبُ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يَعْضُلَ فَنَفَى الْجَبْرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَبْرَ الْمَعْرُوفَ فِي اللُّغَةِ هُوَ إلْزَامُ الْإِنْسَانِ بِخِلَافِ رِضَاهُ، كَمَا تَقُولُ الْفُقَهَاءُ فِي " بَابِ النِّكَاحِ " هَلْ تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ أَوْ لَا تُجْبَرُ؟ وَإِذَا عَضَلَهَا الْوَلِيُّ مَاذَا تَصْنَعُ؟ فَيَعْنُونَ بِجَبْرِهَا إنْكَاحَهَا بِدُونِ رِضَاهَا وَاخْتِيَارِهَا وَيَعْنُونَ بِعَضْلِهَا مَنْعَهَا مِمَّا تَرْضَاهُ وَتَخْتَارُهُ. فَقَالَ: اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يَعْضُلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ مُحِبًّا رَاضِيًا لِمَا يَفْعَلُهُ وَمُبْغِضًا وَكَارِهًا لِمَا يَتْرُكُهُ. كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَجْبُورًا عَلَى مَا يَخْتَارُهُ وَيَرْضَاهُ وَيُرِيدُهُ وَهِيَ: " أَفْعَالُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute