للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ - عَلَى الْعَاجِزِ الَّذِي لَوْ أَرَادَ الْفِعْلَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا يَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالِاضْطِرَارِ عَقْلًا وَدِينًا وَذَلِكَ مِنْ مثارات الْأَهْوَاءِ بَيْنَ الْقَدَرِيَّةِ وَإِخْوَانِهِمْ الْجَبْرِيَّةِ وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ مِنْ الْبِدَعِ الْحَادِثَةِ فِي الْإِسْلَامِ. كَإِطْلَاقِ الْقَوْلِ: بِأَنَّ النَّاسَ مَجْبُورُونَ عَلَى أَفْعَالِهِمْ وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى إنْكَارِ ذَلِكَ وَذَمِّ مَنْ يُطْلِقُهُ؛ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى " الْقَدَرِيَّةِ " الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَلَا بِأَنَّهُ شَاءَ الْكَائِنَاتِ. وَقَالُوا هَذَا رَدُّ بِدْعَةٍ بِبِدْعَةِ، وَقَابَلَ الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلَ بِالْبَاطِلِ؛ وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَحْتَمِلُ الْبَسْطَ لَذَكَرْت مِنْ نُصُوصِ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ رَدَّهُمْ لِذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا فَصَلَ مَقْصُودَ الْقَائِلِ وَبَيَّنَ بِالْعِبَارَةِ الَّتِي لَا يَشْتَبِهُ فِيهَا الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ: مَا هُوَ الْحَقُّ وَمَيَّزَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ: كَانَ هَذَا مِنْ الْفُرْقَانِ وَخَرَجَ الْمُبَيَّنُ حِينَئِذٍ مِمَّا ذَمَّ بِهِ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَتْهُمْ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مُخَالِفُونَ لِكِتَابِ اللَّهِ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَرْكِ كِتَابِ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ وَيُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَخْدَعُونَ جُهَّالَ النَّاسِ بِمَا يُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا كَانَ يَدْخُلُ عِنْدَهُمْ الْمُجْبِرَةُ فِي مُسَمَّى الْقَدَرِيَّةِ الْمَذْمُومِينَ لِخَوْضِهِمْ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ إذْ هَذَا جِمَاعُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَمَّتْ بِهِ الْقَدَرِيَّةُ وَلِهَذَا تَرْجَمَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ فِي " كِتَابِ السُّنَّةِ " فَقَالَ: (الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ اللَّهَ