وُجِدَ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ؛ بِأَنْ يَقُولَ: خُذْ هَذَا لِلَّهِ فَيَأْخُذَهُ. أَوْ يَقُولَ: أَعْطِنِي خُبْزًا بِدِرْهَمٍ فَيُعْطِيَهُ. أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ بِأَنْ يَضَعَ الثَّمَنَ وَيَقْبِضَ جِرْزَةَ الْبَقْلِ أَوْ الْحَلْوَاءَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. كَمَا يَتَعَامَلُ بِهِ غَالِبُ النَّاسِ، أَوْ يَضَعُ الْمَتَاعَ لِيُوضَعَ لَهُ بَدَلُهُ فَإِذَا وَضَعَ الْبَدَلَ الَّذِي يَرْضَى بِهِ أَخَذَهُ كَمَا يَجْلُبُهُ التُّجَّارُ عَلَى عَادَةِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ. فَكُلُّ مَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ مِثْلُ الْهَدِيَّةِ، وَمِثْلُ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ بِمَالٍ يُحْمَلُ مَعَهَا إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَا عَارِيَةٌ. وَكَذَلِكَ الْإِجَارَاتُ: مِثْلُ رُكُوبِ سَفِينَةِ الْمَلَّاحِ الْمُكَارِي وَرُكُوبِ دَابَّةِ الْجَمَّالِ؛ أَوْ الْحَمَّارِ أَوْ الْبَغَّالِ الْمُكَارِي عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ أَنَّهُ إجَارَةٌ وَمِثْلُ الدُّخُولِ إلَى حَمَّامِ الحمامي: يَدْخُلُهَا النَّاسُ بِالْأُجْرَةِ وَمِثْلُ دَفْعِ الثَّوْبِ إلَى غَسَّالٍ أَوْ خَيَّاطٍ يَعْمَلُ بِالْأَجْرِ أَوْ دَفْعِ الطَّعَامِ إلَى طَبَّاخٍ أَوْ شَوَّاءٍ يَطْبُخُ أَوْ يَشْوِي لِلْآخَرِ سَوَاءٌ شَوَى اللَّحْمَ مَشْرُوحًا أَوْ غَيْرَ مَشْرُوحٍ. حَتَّى اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ هَلْ يَقَعُ الْخُلْعُ بِالْمُعَاطَاةِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ اخْلَعْنِي بِهَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ بِهَذَا الثَّوْبِ فَيَقْبِضُ الْعِوَضَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ أَنَّهُ رَضِيَ مِنْهُ بِالْمُعَاوَضَةِ فَذَهَبَ العكبريون: كَأَبِي حَفْصٍ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ شِهَابٍ إلَى أَنَّ ذَلِكَ خُلْعٌ صَحِيحٌ وَذَكَرُوا مِنْ كَلَامِ أَحْمَد وَمِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute