للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ يَسْمَعُونَ إذَا زَالَ الْغِطَاءُ الَّذِي عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ وَهُوَ الْكُفْرُ. فَمَا دَامُوا هَذِهِ حَالُهُمْ فَهُمْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ تَغَيُّرَ الْحَالِ مُمْكِنٌ كَمَا قَالَ {إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَكَمَا هُوَ الْوَاقِعُ.

وَمِثْلُ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بِدُعَائِهِ وَإِنْذَارِهِ وَبَيَانِهِ يَحْصُلُ الْهُدَى وَلَوْ كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ وَأَنَّ الدَّاعِيَ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا نَاصِحًا مُخْلِصًا فَقَدْ لَا يَسْتَجِيبُ الْمَدْعُوُّ لَا لِنَقْصِ فِي الدُّعَاءِ لَكِنْ لِفَسَادِ فِي الْمَدْعُوِّ. وَهَذَا لِأَنَّ حُصُولَ الْمَطْلُوبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فِعْلِ الْفَاعِلِ وَقَبُولِ الْقَابِلِ كَالسَّيْفِ الْقَاطِعِ يُؤَثِّرُ بِشَرْطِ قَبُولِ الْمَحَلِّ فِيهِ لَا يَقْطَعُ الْحِجَارَةَ وَالْحَدِيدَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَالنَّفْخُ يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ هُنَاكَ قَابِلٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي الرَّمَادِ. وَالدُّعَاءُ وَالتَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ. وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لَهُ فَاعِلٌ وَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْعِلْمِ وَالْهُدَى وَالنِّذَارَةِ وَلَهُ قَابِلٌ وَهُوَ الْمُسْتَمِعُ. فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَمِعُ قَابِلًا حَصَلَ الْإِنْذَارُ التَّامُّ وَالتَّعْلِيمُ التَّامُّ وَالْهُدَى التَّامُّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَابِلًا قِيلَ: عَلَّمْته فَلَمْ يَتَعَلَّمْ وَهَدَيْته فَلَمْ يَهْتَدِ وَخَاطَبْته فَلَمْ يُصْغِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.