للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولَ هَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ بَلْ نَقُولُ لَهُ: الْقَوْلُ فِي حُدُوثِ الْحِكْمَةِ كَالْقَوْلِ فِي حُدُوثِ الْمَفْعُولِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلْحِكْمَةِ فَمَا كَانَ جَوَابُك عَنْ هَذَا كَانَ جَوَابُنَا عَنْ هَذَا. فَلَمَّا خَصَمَ الْفَرِيقُ الثَّانِي الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ قَالَ لَهُمْ الْفَرِيقُ الثَّالِثُ - مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ - هَذِهِ حُجَّةٌ جَدَلِيَّةٌ إلْزَامِيَّةٌ وَلَمْ تَشْفُوا الْغَلِيلَ بِهَذَا الْجَوَابِ وَلَيْسَ مَعَكُمْ مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا الْعَقْلِيَّةِ مَا يَنْفِي هَذَا التَّسَلْسُلَ بَلْ التَّسَلْسُلُ نَوْعَانِ وَالدَّوْرُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: التَّسَلْسُلُ فِي الْعِلَلِ وَالْمَعْلُولَاتِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ وِفَاقًا.

وَالثَّانِي: التَّسَلْسُلُ فِي الشُّرُوطِ وَالْآثَارِ فَهَذَا فِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَطَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَلْسَفَةِ يُجَوِّزُونَ هَذَا وَمِنْ هَؤُلَاءِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَقُومُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَغَيْرِهَا. وَبَيَّنَ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مُنَازِعُوهُمْ عَلَى نَفْيِ التَّسَلْسُلِ فِي الْآثَارِ وَامْتِنَاعِ وُجُودِ مَا لَا يَتَنَاهَى فِي الْمَاضِي أَدِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ كَدَلِيلِ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ إحْدَاهُمَا وَكَدَلِيلِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الَّتِي بَيَّنَ هَؤُلَاءِ فَسَادَهَا وَنَقَضُوهَا عَلَيْهِمْ بِالْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَبِعُقُودِ الْأَعْدَادِ وَبِمَعْلُومَاتِ اللَّهِ مَعَ