للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ} وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ نُوزِعَ الرَّبُّ فِيهَا؛ كَمَا قَالَ: {أَيْنَ الْمُلُوكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ} " وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {الْعَظَمَةُ إزَارِي؛ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي؛ فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْته} .

ونفاة الصِّفَاتِ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ؛ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ لَا يُمْسِكُ شَيْئًا؛ وَلَا يَقْبِضُهُ؛ وَلَا يَطْوِيهِ؛ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ؛ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ وَهُمْ أَيْضًا فِي الْحَقِيقَةِ يَقُولُونَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِنْزَالَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ عُلُوٍّ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى عِنْدَهُمْ لَيْسَ فِي الْعُلُوِّ فَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ خَلَقَهُ فِي مَخْلُوقٍ وَنَزَلَ مِنْهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ} وَلَمْ يَجِئْ هَذَا فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ؛ وَالْجَدِيدُ ذِكْرُ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُ وَهُوَ مُنَزَّلٌ مِنْ الْجِبَالِ وَالْمَطَرِ أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاءِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ مِنْ السَّحَابِ وَهُوَ الْمُزْنُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} . وَ (الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَخْلُوقٍ لَكَانَ صِفَةً لَهُ وَكَلَامًا لَهُ فَإِنَّ الصِّفَةَ إذَا قَامَتْ بِمَحَلِّ عَادَ حُكْمُهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ لَا يَتَّصِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ وَلَوْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ لَاتَّصَفَ بِأَنَّهُ مُصَوِّتٌ إذَا خَلَقَ الْأَصْوَاتَ وَمُتَحَرِّكٌ إذَا خَلَقَ الْحَرَكَاتِ فِي غَيْرِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. إلَى أَنْ قَالَ: فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجَهْمِيَّة مَا قَدَرُوا