فَلَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ لَا بِخَلْوَةِ وَلَا غَيْرِ خَلْوَةٍ؛ لَا فِي غَارٍ وَلَا عِنْدَ قَبْرٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْصِدُ الضَّالُّونَ السَّفَرَ إلَيْهِ وَالْعُكُوفَ عِنْدَهُ كَعُكُوفِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَوْثَانِهِمْ. قَالَ الْخَلِيلُ: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} {إنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ إيليا فَاعْتَكَفَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَاعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ لِيَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ. وَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ سَعِيدٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُسَمِّي ذَلِكَ اعْتِكَافًا فَمَنْ فَعَلَ مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ السَّفَرَ إلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مِنْ قَبْرِ وَأَثَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute