حَصَلَ إدْرَاكُهُ بِالْمَحْبُوبِ نَفْسِهِ حَصَلَ عَقِيبَ ذَلِكَ اللَّذَّةُ وَالْفَرَحُ مَعَ ذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: {اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك وَالشَّوْقَ إلَى لِقَائِك؛ مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ: نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ ينجزكموه فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا وَيُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ وَيُجِرْنَا مِنْ النَّارِ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ؛ فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. فَاللَّذَّةُ مَقْرُونَةٌ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ؛ وَلَا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ لِمَا يَقْتَرِنُ بِذَلِكَ مِنْ اللَّذَّةِ؛ لَا أَنَّ نَفْسَ النَّظَرِ هُوَ اللَّذَّةُ. وَفِي " الْجُمْلَةِ " فَلَا بُدَّ فِي الْإِيمَانِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ مِنْ تَصْدِيقٍ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَحُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ مَعَ الْبُغْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ؛ وَمُعَادَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَيْسَ إيمَانًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلَيْسَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ وَالْعِلْمِ يَسْتَلْزِمُ الْحُبَّ إلَّا إذَا كَانَ الْقَلْبُ سَلِيمًا مِنْ الْمَعَارِضِ كَالْحَسَدِ وَالْكِبْرِ لِأَنَّ النَّفْسَ مَفْطُورَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَقِّ وَهُوَ الَّذِي يُلَائِمُهَا. وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إلَى الْقُلُوبِ السَّلِيمَةِ مِنْ اللَّهِ وَهَذَا هُوَ الْحَنِيفِيَّةُ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} {إلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} فَلَيْسَ مُجَرَّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute