وَأَيْضًا فَهَذِهِ الْأُمُورُ أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ بِأَنْفُسِهَا فَإِذَا أُضِيفَتْ إلَى اللَّهِ عُلِمَ أَنَّهَا إضَافَةُ مُلْكٍ لَا إضَافَةُ وَصْفٍ؛ بِخِلَافِ الْعِبَارَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا كَمَا لَا يَقُومُ الْمَعْنَى بِنَفْسِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْفَارِقُ بَيْنَ إضَافَةِ الصِّفَاتِ وَإِضَافَةِ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنَّ الْمُعَطِّلَةَ الْنُّفَاةِ مِنْ الصَّابِئَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ: كَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِمَا - وَإِنْ كَانَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَقُولَانِ بِخِلَافِ ذَلِكَ - يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي النُّصُوصِ إلَّا إضَافَةُ هَذِهِ الْأُمُورِ إلَى اللَّهِ وَهَذِهِ الْأُمُورِ تُسَمَّى نُصُوصَ الْإِضَافَاتِ لَا نُصُوصَ الصِّفَاتِ. وَيَقُولُونَ: نُصُوصُ الْإِضَافَاتِ وَأَحَادِيثُ الْإِضَافَاتِ لَا آيَاتُ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثُ الصِّفَاتِ. وَالْإِضَافَةُ تَكُونُ إضَافَةَ مَخْلُوقٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِ الْوُجُوهِ كَإِضَافَةِ الْبَيْتِ وَالنَّاقَةِ وَالرُّوحِ فِي قَوْلِهِ: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} وَقَوْلِهِ: {نَاقَةُ اللَّهِ} وَقَوْلِهِ: {فَأَرْسَلْنَا إلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} . وَقَالَتْ الْحُلُولِيَّةُ مِنْ النَّصَارَى وَغُلَاةُ الشِّيعَةِ وَالصُّوفِيَّةُ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِقِدَمِ الرُّوحِ - أَرْوَاحُ الْعِبَادِ - وَيَنْتَسِبُ إلَى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا مِثْلَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ جِيلَانَ وَغَيْرِهِمْ - بَلْ إضَافَةُ الرُّوحِ إلَى اللَّهِ كَإِضَافَةِ الْكَلَامِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامُ وَالْقُدْرَةُ صِفَاتُهُ فَكَذَلِكَ الرُّوحُ. وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُوحَ الْعَبْدِ صِفَةٌ لِلَّهِ قَدِيمَةٌ. وَقَالَتْ النَّصَارَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute