للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَتْلِهِمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَا إذَا وَافَقَ وَلِيُّ الصِّغَارِ الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ الْكِبَارِ فَيَقْتُلُونَ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ الْإِنْسَانِ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا أَوْ خَطَأً وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِصَاصَ فِي الدُّنْيَا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ وَالسُّلْطَانُ: فَهَلْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} .

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَّا الْقَاتِلُ خَطَأً فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ قِصَاصٌ؛ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ؛ لَكِنَّ الْوَاجِبَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِ الْقَتِيلِ إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا. وَأَمَّا " الْقَاتِلُ عَمْدًا " إذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا: فَهَلْ لِلْمَقْتُولِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ فِيمَا أَظُنُّ مَنْ يَقُولُ: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ عَلَيْهِ حَقٌّ؛ فَإِنَّ حَقَّهُ لَمْ يَسْقُطْ بِقَتْلِ الْوَرَثَةِ كَمَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ اللَّهِ بِذَلِكَ؛ وَكَمَا لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَظْلُومِ الَّذِي غُصِبَ مَالُهُ وَأُعِيدَ إلَى وَرَثَتِهِ؛ بَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الظَّالِمَ بِمَا حَرَمَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.