للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهُ الْخَامِسُ

أَنْ يُقَالَ: الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ - مِنْ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ - دَلَّتْ عَلَى إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالصَّوْتِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَهُمْ فِي مُسَمَّى " الْكَلَامِ " أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. قِيلَ: إنَّهُ اسْمٌ لِلَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى. وَقِيلَ: لِلْمَعْنَى الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ. وَقِيلَ: اسْمٌ لِكُلِّ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ. وَقِيلَ: اسْمٌ لَهُمَا بِطَرِيقِ الْعُمُومِ. وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْجُمْهُورِ فَإِذَا قِيلَ: تَكَلَّمَ فُلَانٌ: كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهَا أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ} وَقَالَ: {كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ} وَقَالَ: {أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ: كَلِمَةُ لَبِيدٍ. أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ} وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ " فَالْكَلَامُ " إذَا أُطْلِقَ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا وَإِذَا سُمِّيَ الْمَعْنَى وَحْدَهُ كَلَامًا أَوْ اللَّفْظُ وَحْدَهُ كَلَامًا فَإِنَّمَا ذَاكَ مَعَ قَيْدٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا وَالْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ مَمْلُوءٌ مِنْ آيَاتِ الْكَلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَكَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ إثْبَاتُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى لِلَّهِ.