وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} . فَفَرَّقَ بَيْنَ إيحَائِهِ إلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ وَبَيْنَ تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى؛ كَمَا فَرَّقَ أَيْضًا بَيْنَ النَّوْعَيْنِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِيحَاءِ وَالتَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ؛ فَلَوْ كَانَ تَكْلِيمُهُ لِمُوسَى إلْهَامًا أَلْهَمَهُ مُوسَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْمَعَ صَوْتًا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ الْإِيحَاءِ إلَى غَيْرِهِ وَالتَّكْلِيمِ لَهُ فَلَمَّا فَرَّقَ الْقُرْآنُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا وَعُلِمَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَخْصِيصِ مُوسَى بِتَكْلِيمِ اللَّهِ إيَّاهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي حَصَلَ لَهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْإِلْهَامَاتِ وَمَا يُدْرَكُ بِالْقُلُوبِ إنَّمَا هُوَ كَلَامٌ مَسْمُوعٌ بِالْآذَانِ وَلَا يُسْمَعُ بِهَا إلَّا مَا هُوَ صَوْتٌ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنَّ مُفَسِّرِي الْقُرْآنِ وَأَهْلَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَأَتْبَاعَهُمْ مِنْ السَّلَفِ: كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى بِصَوْتِ كَمَا فِي الْآثَارِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْهُمْ فِي الْكُتُبِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ السَّلَفِ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَمْثَالُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} وَتَفْسِيرُ كَلَامِ اللَّهِ لِمُوسَى وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَكَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد وَالْخَلَّالُ والطَّبَرَانِي وَأَبُو الشَّيْخِ وَغَيْرُهُمْ: فِي " كُتُبِ السُّنَّةِ " وَكَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ فِي " كُتُبِ الزُّهْدِ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute