للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ تَرَكُوا اتِّبَاعَ سُنَّتِهِ وَمَا رَغِبُوا فِيهِ كُلُّهُمْ حَتَّى حَدَثَ بَعْدَهُمْ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانُوا لَا يَعْتَمِرُونَ مِنْ مَكَّةَ عُلِمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ؛ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعُمْرَةُ الَّتِي كَانُوا يَعْرِفُونَهَا وَيَفْعَلُونَهَا وَهِيَ عُمْرَةُ الْقَادِمِ. يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ عَائِشَةَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ مَعَ أَنَّهَا مُتَابَعَةٌ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَكِّيَّةُ مُرَادَةً حِينَ طَلَبَتْ ذَلِكَ مِنْهُ أَمَرَهَا أَنْ تَكْتَفِيَ بِمَا فَعَلَتْهُ وَقَالَ: " طَوَافُك بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيك لِحَجِّك وَعُمْرَتِك " فَلَمَّا رَاجَعَتْهُ وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُهَا ابْتِدَاءً بِتَرْكِ ذَلِكَ وَالِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهُ وَهِيَ تَطْلُبُ مَا قَدْ رَغِبَ النَّاسُ فِيهِ كُلُّهُمْ. فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِي وَغَيْرِهِمَا {عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فليهل بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ قَدِمْت مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْت إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اُنْقُضِي رَأْسَك وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلَتْ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْت. فَقَالَ: