للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رعل وذكوان وَعُصَيَّةَ} ثُمَّ تَرَكَهُ. وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا قَتَلُوا الْقُرَّاءَ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَنَتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةِ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَفَتْحِ خَيْبَرَ يَدْعُو للمستضعفين مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ. وَيَقُولُ فِي قُنُوتِهِ: {اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ والمستضعفين مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ} . {وَكَانَ يَقْنُتُ يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ وَكَانَ قُنُوتُهُ فِي الْفَجْرِ} . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ قَنَتَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي الظُّهْرِ} وَفِي السُّنَنِ {أَنَّهُ قَنَتَ فِي الْعَصْرِ} أَيْضًا. فَتَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْقُنُوتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَلَا يُشْرَعُ بِحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ ثُمَّ تَرَكَ وَالتَّرْكُ نَسْخٌ لِلْفِعْلِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ ثُمَّ قَعَدَ. جَعَلَ الْقُعُودَ نَاسِخًا لِلْقِيَامِ وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ.