للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَدَافِنُ مُتَبَاعِدَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ مُتَقَارِبَةً، قَدْ تَجْتَمِعُ الْأَرْوَاحُ مَعَ تَبَاعُدِ الْمَدَافِنِ وَقَدْ تَفْتَرِقُ مَعَ تَقَارُبِ الْمَدَافِنِ يُدْفَنُ الْمُؤْمِنُ عِنْدَ الْكَافِرِ وَرُوحُ هَذَا فِي الْجَنَّةِ وَرُوحُ هَذَا فِي النَّارِ وَالرَّجُلَانِ يَكُونَانِ جَالِسَيْنِ أَوْ نَائِمَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَقَلْبُ هَذَا يُنَعَّمُ وَقَلْبُ هَذَا يُعَذَّبُ وَلَيْسَ بَيْنَ الرُّوحَيْنِ اتِّصَالٌ، فَالْأَرْوَاحُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ: فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ.} وَالْبَدَنُ لَا يُنْقَلُ إلَى مَوْضِعِ الْوِلَادَةِ بَلْ قَدْ جَاءَ: {أَنَّ الْمَيِّتَ يُذَرُّ عَلَيْهِ مِنْ تُرَابِ حُفْرَتِهِ} وَمِثْلُ هَذَا لَا يُجْزَمُ بِهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، بَلْ أَجْوَدُ مِنْهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ: {أَنَّهُ مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ إلَّا قِيسَ لَهُ مِنْ مَسْقَطِ رَأْسِهِ إلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ} . وَالْإِنْسَانُ يُبْعَثُ مِنْ حَيْثُ مَاتَ وَبَدَنُهُ فِي قَبْرِهِ مُشَاهَدٌ فَلَا تُدْفَعُ الْمُشَاهَدَةُ بِظُنُونٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا بَلْ هِيَ مُخَالِفَةٌ فِي الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ يُؤْذِيهِ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ؟ . فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَالْعُلَمَاءِ. وَالصَّوَابُ