للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَيْدٍ فَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ جَمِيعُ النَّاسِ لَفْظٌ مُطْلَقٌ عَنْ كُلِّ قَيْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجُمْلَةُ اسْمِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً وَلِهَذَا كَانَ لَفْظُ " الْكَلَامِ " وَ " الْكَلِمَةِ " فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بَلْ وَفِي لُغَةِ غَيْرِهِمْ لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْمُقَيَّدِ. وَهُوَ الْجُمْلَةُ التَّامَّةُ اسْمِيَّةً كَانَتْ أَوْ فِعْلِيَّةً أَوْ نِدَائِيَّةً إنْ قِيلَ إنَّهَا قِسْمٌ ثَالِثٌ. فَأَمَّا مُجَرَّدُ الِاسْمِ أَوْ الْفِعْلِ أَوْ الْحَرْفِ الَّذِي جَاءَ لِمَعْنَى لَيْسَ بِاسْمِ وَلَا فِعْلٍ فَهَذَا لَا يُسَمَّى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَطُّ كَلِمَةً وَإِنَّمَا تَسْمِيَةُ هَذَا كَلِمَةً اصْطِلَاحٌ نَحْوِيٌّ كَمَا سَمَّوْا بَعْضَ الْأَلْفَاظِ فِعْلًا وَقَسَّمُوهُ إلَى فِعْلٍ مَاضٍ وَمُضَارِعٍ وَأَمْرٍ، وَالْعَرَبُ لَمْ تُسَمِّ قَطُّ اللَّفْظَ فِعْلًا؛ بَلْ النُّحَاةُ اصْطَلَحُوا عَلَى هَذَا فَسَمَّوْا اللَّفْظَ بِاسْمِ مَدْلُولِهِ فَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى حُدُوثِ فِعْلٍ فِي زَمَنٍ مَاضٍ سَمَّوْهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَكَذَلِكَ سَائِرُهَا. وَكَذَلِكَ حَيْثُ وُجِدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَلْ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ نَظْمِهِ وَنَثْرِهِ لَفْظُ كَلِمَةٍ؛ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْمُفِيدُ الَّتِي تُسَمِّيهَا النُّحَاةُ جُمْلَةً تَامَّةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إنْ يَقُولُونَ إلَّا كَذِبًا} . وقَوْله تَعَالَى {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} . وقَوْله تَعَالَى {تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} . وَقَوْلِهِ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} . وَقَوْلِهِ: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} . وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ}