للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعْلَمُونَ مَعْنَى ذَلِكَ بَلْ لَازِمُ قَوْلِهِمْ: أَنَّهُ هُوَ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مَعْنَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ وَاَلَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ مَذْهَبَ السَّلَفِ يَقُولُونَ: إنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مَعَانِيَ النُّصُوصِ بَلْ يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي الرَّسُولِ. وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَبْطَلْ الْأَقْوَالِ وَمِمَّا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا فَهِمُوهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ} وَيَظُنُّونَ أَنَّ التَّأْوِيلَ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُسَمُّونَهُ هُمْ تَأْوِيلًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ قَدْ يَقُولُونَ: تَجْرِي النُّصُوصُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَتَأْوِيلُهَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَيُرِيدُونَ بِالتَّأْوِيلِ: مَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ. وَطَائِفَةٌ يُرِيدُونَ بِالظَّاهِرِ أَلْفَاظَ النُّصُوصِ فَقَطْ وَالطَّائِفَتَانِ غالطتان فِي فَهْمِ الْآيَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ " التَّأْوِيلِ " قَدْ صَارَ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الِاصْطِلَاحَاتِ لَهُ ثَلَاثُةُ مَعَانٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ حَقِيقَةُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْكَلَامُ وَإِنْ وَافَقَ ظَاهِرَهُ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُرَادُ بِلَفْظِ التَّأْوِيلِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} وَمِنْهُ {قَوْلُ عَائِشَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ} .