فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَدْ يُصَدِّقُهُ الْمُتَطَيِّرُونَ بِالرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ. وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِك: أَنَّهُ لَمَّا قَالَ {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} قَالَ بَعْدَهَا {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} فَإِنَّهُ قَدْ شَهِدَ لَهُ بِالرِّسَالَةِ بِمَا أَظْهَرَهُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ. وَإِذَا شَهِدَ اللَّهُ لَهُ كَفَى بِهِ شَهِيدًا. وَلَمْ يَضُرَّهُ جَحْدُ هَؤُلَاءِ لِرِسَالَتِهِ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الشُّبَهِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ بِمَا أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا سَيِّئَاتِهِمْ وَعُقُوبَاتِهِمْ حَجَّةً على إبْطَالِ رِسَالَتِهِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ شَهِدَ لَهُ: أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِلنَّاسِ رَسُولًا. فَكَانَ خَتْمُ الْكَلَامِ بِهَذَا إبْطَالًا لِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَصَائِبَ مِنْ عِنْدِ الرَّسُولِ. وَلِهَذَا قَالَ، بَعْدَ هَذَا {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} .
فَصْلٌ:
وَكَانَ فِيمَا ذَكَرَهُ إبْطَالٌ لِقَوْلِ الْجَهْمِيَّة الْمُجْبِرَةِ وَنَحْوِهِمْ، مِمَّنْ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ قَدْ يُعَذِّبُ الْعِبَادَ بِلَا ذَنْبٍ. وَأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ الْعِبَادَ بِمَا لَا يَنْفَعُهُمْ، بَلْ بِمَا يَضُرُّهُمْ. فَإِنْ فَعَلُوا ما أمرهم به حَصَلَ لهم الضَّرَرُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوهُ عَاقَبَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute