للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} . قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَوَّلُونَهَا فِي الحرورية وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} فَالْأَفَّاكُ هُوَ الْكَذَّابُ وَالْأَثِيمُ الْفَاجِرُ كَمَا قَالَ: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} .

وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ كَانَ كَاذِبًا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ سبيعة الأسلمية وَقَدْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَكَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ قَلَائِلَ فَقَالَ لَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بعكك: مَا أَنْتَ بِنَاكِحَةٍ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْكِ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ بَلْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي} وَكَذَلِكَ لَمَّا قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ عَامِرًا قَتَلَ نَفْسَهُ وَحَبِطَ عَمَلُهُ فَقَالَ: " كَذَبَ مَنْ قَالَهَا؛ إنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ " وَكَانَ قَائِلُ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْكَذِبَ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أسيد بْنَ الحضير؛ لَكِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ بِلَا عِلْمٍ كَذَّبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.