للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَقُولُونَ: إنَّ الْإِنْسَانَ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ نَشَاطًا وَقُوَّةً فِي كَثِيرٍ مِنْ الطَّاعَاتِ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يُحِبُّهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا حَرَامًا. وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَجِدُ شَيْئًا وَلَا يَفْعَلُهُ. وَهُوَ أَيْضًا يَمْتَنِعُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ إذَا عُوِّضَ بِمَا يُحِبُّهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَإِلَّا لَمْ يَمْتَنِعْ وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ وَاقِعَةٌ لِكَثِيرِ مِنْ النَّاسِ وَجَوَابُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى ثَلَاثِ مَقَامَاتٍ: " أَحَدُهَا " أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ قِسْمَانِ: " أَحَدُهُمَا " مَا يَقْطَعُ بِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُبِحْ مِنْهُ شَيْئًا لَا لِضَرُورَةِ وَلَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ: كَالشَّرَكِ وَالْفَوَاحِشِ وَالْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. وَالظُّلْمِ الْمَحْضِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مُحَرَّمَةٌ فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ وَبِتَحْرِيمِهَا بَعَثَ اللَّهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَلَمْ يُبِحْ مِنْهَا شَيْئًا قَطُّ وَلَا فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلِهَذَا أُنْزِلَتْ فِي هَذِهِ السُّورَةُ الْمَكِّيَّةُ وَنَفْيُ التَّحْرِيمِ عَمَّا سِوَاهَا؛ فَإِنَّمَا حَرَّمَهُ بَعْدَهَا كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ حَرَّمَهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَلَيْسَ تَحْرِيمُهُ مُطْلَقًا.