للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلْأَنْصَارِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟} . وَغَضِبَ لِذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا السَّارِقُ فَيَجِبُ قَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَدِّ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ تَأْخِيرُهُ؛ لَا بِحَبْسِ وَلَا مَالٍ يَفْتَدِي بِهِ وَلَا غَيْرِهِ؛ بَلْ تُقْطَعُ يَدُهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُعَظَّمَةِ وَغَيْرِهَا؛ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ بِعِبَادِهِ؛ فَيَكُونُ الْوَالِي شَدِيدًا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ؛ لَا تَأْخُذُهُ رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فَيُعَطِّلُهُ. وَيَكُونُ قَصْدُهُ رَحْمَةَ الْخَلْقِ بِكَفِّ النَّاسِ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ؛ لِإِشْفَاءِ غَيْظِهِ وَإِرَادَةِ الْعُلُوِّ عَلَى الْخَلْقِ؛ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ إذَا أَدَّبَ وَلَدَهُ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَفَّ عَنْ تَأْدِيبِ وَلَدِهِ - كَمَا تُشِيرُ بِهِ الْأُمُّ رِقَّةً وَرَأْفَةً - لَفَسَدَ الْوَلَدُ وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُهُ رَحْمَةً بِهِ وَإِصْلَاحًا لِحَالِهِ؛ مَعَ أَنَّهُ يَوَدُّ وَيُؤْثِرُ أَنْ لَا يَحُوجَهُ إلَى تَأْدِيبٍ وَبِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ الَّذِي يَسْقِي الْمَرِيضَ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ وَبِمَنْزِلَةِ قَطْعِ الْعُضْوِ الْمُتَآكِلِ وَالْحَجْمِ وَقَطْعِ