بِالدَّعَاوَى الْكَاذِبَةِ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا حُجَّةٌ بَلْ هِيَ مَعْلُومَةُ الْفَسَادِ بِأَدْنَى عَقْلٍ وَإِيمَانٍ وَأَيْسَرِ مَا يُسْمَعُ مِنْ كِتَابٍ وَقُرْآنٍ وَجَعَلَ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْفَرَاعِنَةَ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ أَهْلُ الْكُشُوفِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ عَيْنًا ثَابِتَةً قَبْلَ وُجُودِهِ وَلِسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ وَأَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لَهُ وَلِسَائِرِ أَحْوَالِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصِّفَاتِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ فَعَيْنُهُ ثَابِتَةٌ قَبْلَ وُجُودِهِ. وَهَذَا ضَلَالٌ قَدْ سُبِقَ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ عِلْمَ اللَّهِ بِالْعَبْدِ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ عِلْمِهِ بِتِلْكَ الْعَيْنِ الثَّابِتَةِ فِي الْعَدَمِ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ الْعَبْدِ لَا مِنْ نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَنَّ عِلْمَهُ بِالْأَعْيَانِ الثَّابِتَةِ فِي الْعَدَمِ وَأَحْوَالِهَا تَمْنَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَأَنَّ هَذَا هُوَ سِرُّ الْقَدَرِ. فَتَضَمَّنَ هَذَا وَصْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْفَقْرِ إلَى الْأَعْيَانِ وَغِنَاهَا عَنْهُ وَنَفْيَ مَا اسْتَحَقَّهُ بِنَفْسِهِ مِنْ كَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلُزُومِ التَّجْهِيلِ وَالتَّعْجِيزِ وَبَعْضِ مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ الْمُضَاهَاةُ لِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَمَّنْ قَالَ فِيهِ {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} الْآيَةَ فَإِنَّهُ جَعَلَ حَقَائِقَ الْأَعْيَانِ الثَّابِتَةِ فِي الْعَدَمِ غَنِيَّةً عَنْ اللَّهِ فِي حَقَائِقِهَا وَأَعْيَانِهَا وَجَعَلَ الرَّبَّ مُفْتَقِرًا إلَيْهَا فِي عِلْمِهِ بِهَا فَمَا اسْتَفَادَ عِلْمَهُ بِهَا إلَّا مِنْهَا يَسْتَفِيدُ الْعَبْدُ الْعِلْمَ بِالْمَحْسُوسَاتِ مِنْ إدْرَاكِهِ لَهَا مَعَ غِنَى تِلْكَ الْمُدْرَكَاتِ عَنْ الْمُدْرِكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute