كتاب مجموع الفتاوى

سورة الأعلى - فصل: في أن قوله تعالى: " لعله يتذكر أو يخشى " و " وما يدريك لعله يزكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى " لا يناقض الآية: " سيذكر من يخشى " - ج: 16 - ص: 177

الَّذِي يَقْتَضِيهِ فَيَشْتَغِلُ بِطَلَبِ النَّجَاةِ وَالسَّلَامِ وَيُعْرِضُ عَنْ طَلَبِ الرَّحْمَةِ وَالْجَنَّةِ. وَقَدْ يَفْعَلُ مَعَ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ تُوَازِيهَا وَتُقَابِلُهَا فَيَنْجُو بِذَلِكَ مِنْ النَّارِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ بَلْ يَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ. وَإِنْ كَانَ مَآلُهُمْ إلَى الْجَنَّةِ فَلَيْسُوا مِمَّنْ أُزْلِفَتْ لَهُمْ الْجَنَّةُ أَيْ قُرِّبَتْ لَهُمْ إذْ كَانُوا لَمْ يَأْتُوا بِخَشْيَةِ اللَّهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ. وَاسْتَجْمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وَقَوْلُهُ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} فَلَا يُنَاقِضُ هَذِهِ الْآيَةَ. لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ " سَيَخْشَى مَنْ يَذَّكَّرُ " بَلْ ذَكَرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ فَإِنَّهُ يَتَذَكَّرُ إمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ فَيَخْشَى وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَتَذَكَّرُ فَلَا يَخْشَى؛ وَإِمَّا أَنْ تَدْعُوَهُ الْخَشْيَةُ إلَى التَّذَكُّرِ. فَالْخَشْيَةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلتَّذَكُّرِ. فَكُلُّ خَاشٍ مُتَذَكِّرٌ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فَلَا يَخْشَاهُ إلَّا