للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقُفَّازَيْنِ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ فِي النِّسَاءِ اللَّاتِي لَمْ يُحْرِمْنَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سَتْرَ وُجُوهِهِنَّ وَأَيْدِيهِنَّ. وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِالزِّينَةِ الْخَفِيَّةِ بِالسَّمْعِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَالَ: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} وَقَالَ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فَلَمَّا نَزَلَ ذَلِكَ عَمَدَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ إلَى خُمُرِهِنَّ فَشَقَقْنَهُنَّ وَأَرْخَيْنَهَا عَلَى أَعْنَاقِهِنَّ. و " الْجَيْبُ " هُوَ شِقٌّ فِي طُولِ الْقَمِيصِ. فَإِذَا ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخِمَارِ عَلَى الْجَيْبِ سَتَرَتْ عُنُقَهَا. وَأُمِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تُرْخِيَ مِنْ جِلْبَابِهَا وَالْإِرْخَاءُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْبَيْتِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي الْبَيْتِ فَلَا تُؤْمَرُ بِذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ بِصَفِيَّةَ قَالَ أَصْحَابُهُ: إنْ أَرْخَى عَلَيْهَا الْحِجَابَ فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ عَلَيْهَا الْحِجَابَ فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَضَرَبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ} وَإِنَّمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ عَلَى النِّسَاءِ لِئَلَّا تُرَى وُجُوهُهُنَّ وَأَيْدِيهِنَّ. وَالْحِجَابُ مُخْتَصٌّ بِالْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ كَمَا كَانَتْ سُنَّةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ أَنَّ الْحُرَّةَ تَحْتَجِبُ وَالْأَمَةُ تَبْرُزُ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا رَأَى أَمَةً مُخْتَمِرَةً ضَرَبَهَا وَقَالَ أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ أَيْ لُكَاعُ فَيَظْهَرُ مِنْ الْأَمَةِ رَأْسُهَا وَيَدَاهَا وَوَجْهُهَا.