كَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ؛ وَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إلَّا بِهَا؛ كَمَا أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ فَيَكُونُ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ؛ مِثْلَ أَنْ يَقْصِدَ الْعَدُوُّ بَلَدًا؛ أَوْ مِثْلَ أَنْ يَسْتَنْفِرَ الْإِمَامُ أَحَدًا. وَطَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إلَّا فِيمَا يَتَعَيَّنُ؛ مِثْلَ طَلَبِ كُلِّ وَاحِدٍ عِلْمَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ هَذَا فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ كَمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ} " وَكُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا وَالدِّينُ: مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ؛ وَهُوَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ وَيُطِيعَهُ فِيمَا أَمَرَ تَصْدِيقًا عَامًّا وَطَاعَةً عَامَّةً ثُمَّ إذَا ثَبَتَ عَنْهُ خَبَرٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَدِّقَ بِهِ مُفَصَّلًا وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةٍ بِأَمْرِ مُعَيَّنٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُطِيعَهُ طَاعَةً مُفَصَّلَةً. وَكَذَلِكَ غَسْلُ الْمَوْتَى وَتَكْفِينُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ وَدَفْنُهُمْ: فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ. وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute