للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و " الثَّانِي " أَنَّ نُحَاةَ الْكُوفَةِ يُسَمُّونَ حُرُوفَ الْجَرِّ وَنَحْوَهَا حُرُوفَ الصِّفَاتِ. فَلَمَّا كَانَ هَذَا مُعَلَّقًا بِالْحُرُوفِ الَّتِي قَدْ تُسَمَّى " حُرُوفَ الصِّفَاتِ " سُمِّيَ طَلَاقًا بِصِفَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفِ. و " الْوَجْهُ الْأَوَّلُ " هُوَ الْأَصْلُ؛ فَإِنَّ هَذَا يَعُودُ إلَيْهِ؛ إذْ النُّحَاةُ إنَّمَا سَمَّوْا حُرُوفَ الْجَرِّ حُرُوفَ الصِّفَاتِ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ يَصِيرُ فِي الْمَعْنَى صِفَةً لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ فَإِذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا اعْتَمَدُوا فِي الطَّلَاقِ الْمَوْصُوفِ عَلَى طَلَاقِ الْفِدْيَةِ وَقَاسُوا كُلَّ طَلَاقٍ بِصِفَةِ عَلَيْهِ صَارَ هَذَا. . . (١)

كَمَا أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى. {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ هُوَ نَذْرٌ بِصِفَةِ؛ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّذْرِ الْمَقْصُودِ شَرْطُهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَقْصُودِ عَدَمُ شَرْطِهِ الَّذِي خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَلِذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمَقْصُودِ وَصْفُهُ كَالْخُلْعِ حَيْثُ الْمَقْصُودُ فِيهِ الْعِوَضُ وَالطَّلَاقِ الْمَحْلُوفِ بِهِ الَّذِي يُقْصَدُ عَدَمُهُ وَعَدَمُ شَرْطِهِ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقَاسُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا أَشْبَهَهُ وَمَعْلُومٌ ثُبُوتُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّفَةِ الْمَقْصُودَةِ وَبَيْنَ الصِّفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا الَّتِي يُقْصَدُ عَدَمُهَا كَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي النَّذْرِ سَوَاءٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْأَثَرُ وَالِاعْتِبَارُ.


(١) بياض بالأصل