للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَظَاهِرًا وَنَهَاهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَقَدَّرَ مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَخَلَقَ الْعَبْدَ وَجَمِيعَ أَعْمَالِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَكَوْنُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " كُنْ " بَاطِنًا وَظَاهِرًا.

وَلَيْسَ فِي الْقَدَرِ حُجَّةٌ لِابْنِ آدَمَ وَلَا عُذْرٌ بَلْ الْقَدَرُ يُؤْمَنُ بِهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَالْمُحْتَجُّ بِالْقَدَرِ فَاسِدُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّ الْقَدَرَ إنْ كَانَ حُجَّةً وَعُذْرًا: لَزِمَ أَنْ لَا يُلَامَ أَحَدٌ؛ وَلَا يُعَاقَبَ وَلَا يُقْتَصَّ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْمُحْتَجُّ بِالْقَدَرِ يَلْزَمُهُ - إذَا ظُلِمَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ وَحُرْمَتِهِ - أَنْ لَا يَنْتَصِرَ مِنْ الظَّالِمِ وَلَا يَغْضَبَ عَلَيْهِ وَلَا يَذُمَّهُ؛ وَهَذَا أَمْر مُمْتَنِعٌ فِي الطَّبِيعَةِ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَفْعَلَهُ فَهُوَ مُمْتَنِعٌ طَبْعًا مُحَرَّمٌ شَرْعًا. وَلَوْ كَانَ الْقَدَرُ حُجَّةً وَعُذْرًا: لَمْ يَكُنْ إبْلِيسُ مَلُومًا وَلَا مُعَاقَبًا وَلَا فِرْعَوْنُ وَقَوْمُ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلَا كَانَ جِهَادُ الْكُفَّارِ جَائِزًا وَلَا إقَامَةُ الْحُدُودِ جَائِزًا وَلَا قَطْعُ السَّارِقِ وَلَا جَلْدُ الزَّانِي وَلَا رَجْمُهُ وَلَا قَتْلُ الْقَاتِلِ وَلَا عُقُوبَةُ مُعْتَدٍ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ. وَلَمَا كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ بَاطِلًا فِي فِطَرِ الْخَلْقِ وَعُقُولِهِمْ: لَمْ تَذْهَبْ إلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ وَلَا هُوَ مَذْهَبُ أَحَدٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَطْرُدُونَ قَوْلَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةُ أَحَدٍ لَا فِي دُنْيَاهُ وَلَا آخِرَتِهِ وَلَا يُمْكِنُ اثْنَانِ أَنْ يَتَعَاشَرَا سَاعَةً وَاحِدَةً؛ إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مُلْتَزِمًا مَعَ الْآخَرِ نَوْعًا مِنْ الشَّرْعِ فَالشَّرْعُ نُورُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَعَدْلُهُ بَيْنَ عِبَادِهِ.