وَالتَّحْرِيمِ؛ لَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَ ثُبُوتِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ بِالْخِطَابِ وَبَيْنَ ثُبُوتِهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِصْحَابِ. فَالْعَقْدُ وَالشَّرْطُ يَرْفَعُ مُوجِبَ الِاسْتِصْحَابِ لَكِنْ لَا يَرْفَعُ مَا أَوْجَبَهُ كَلَامُ الشَّارِعِ. وَآثَارُ الصَّحَابَةِ تُوَافِقُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ. وَأَمَّا الِاعْتِبَارُ فَمِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْعُقُودَ وَالشُّرُوطَ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ التَّحْرِيمِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ فِيهَا حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّحْرِيمِ. كَمَا أَنَّ الْأَعْيَانَ: الْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ التَّحْرِيمِ. وقَوْله تَعَالَى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} عَامٌّ فِي الْأَعْيَانِ وَالْأَفْعَالِ؛ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ حَرَامًا لَمْ تَكُنْ فَاسِدَةً لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ التَّحْرِيمِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فَاسِدَةً كَانَتْ صَحِيحَةً. وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ جِنْسِ الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ إلَّا مَا ثَبَتَ حِلُّهُ بِعَيْنِهِ وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَنَّ انْتِفَاءَ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ التَّحْرِيمِ. فَثَبَتَ بِالِاسْتِصْحَابِ الْعَقْلِيِّ وَانْتِفَاءُ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ عَدَمُ التَّحْرِيمِ فَيَكُونُ فِعْلُهَا إمَّا حَلَالًا وَإِمَّا عَفْوًا كَالْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تُحَرَّمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute