دؤاد لَمْ يَكُنْ مُعْتَزِلِيًّا؛ بَلْ كَانَ جهميا يَنْفِي الصِّفَاتِ وَالْمُعْتَزِلَةُ تَنْفِي الصِّفَاتِ فنفاة الصِّفَاتِ الْجَهْمِيَّة أَعَمُّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَمَّا احْتَجَّ عَلَيْهِ بُرْغُوثٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَكَلَّمُ وَيَقُومُ بِهِ الْكَلَامُ لَكَانَ جِسْمًا وَهَذَا مَنْفِيٌّ عَنْهُ وَأَحْمَد وَأَمْثَالُهُ مِنْ السَّلَفِ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الَّتِي ابْتَدَعَهَا الْمُتَكَلِّمُونَ كَلَفْظِ الْجِسْمِ وَغَيْرِهِ يَنْفِيهَا قَوْمٌ لِيَتَوَصَّلُوا بِنَفْيِهَا إلَى نَفْيِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ وَيُثْبِتُهَا قَوْمٌ لِيَتَوَصَّلُوا بِإِثْبَاتِهَا إلَى إثْبَاتِ مَا نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَالْأُولَى طَرِيقَةُ الْجَهْمِيَّة: مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: يَنْفُونَ الْجِسْمَ حَتَّى يَتَوَهَّمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ قَصْدَهُمْ التَّنْزِيهُ وَمَقْصُودُهُمْ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْقُرْآنِ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ خَلَقَ كَلَامًا فِي غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ يَقُومُ بِهِ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا حَيَاةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي خُطْبَتِهِ فِي " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة وَالزَّنَادِقَةِ ": الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَتْرَةً مِنْ الرُّسُلِ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إلَى الْهُدَى وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِهِ أَهْلَ الْعَمَى فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لإبليس قَدْ أَحْيَوْهُ وَكَمْ ضَالٍّ تَائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ وَأَقْبَحَ أَثَرَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ الَّذِينَ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ الْبِدْعَةِ وَأَطْلَقُوا عِنَانَ الْفِتْنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute