وَأَمَّا زِيَادَةُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي " الْأَخْبَارِ الْمَحْضَةِ " فَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ وَأَنَّهُ لَا تُرَدُّ الزِّيَادَةُ إذَا لَمْ تُنَافِ الْمَزِيدَ؛ فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا عَاقِلًا أَوْ عَالِمًا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُنَافَاةٌ؛ فَفُرِّقَ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ وَالتَّجْرِيدِ وَالزِّيَادَةِ فِي " الْأُمُورِ الطَّلَبِيَّةِ "؛ وَبَيْنَ ذَلِكَ فِي " الْأُمُورِ الْخَبَرِيَّةِ ". وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُقَالُ: قَدْ جَاءَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ أَنَّ " السُّوقَ " يَكُونُ بَعْدَ " رُؤْيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ " كَمَا أَنَّ الْعَادَةَ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُمْ يَنْتَشِرُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ بَعْدَ زِيَارَةِ اللَّهِ وَالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ. وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ " ازْدِيَادِ وُجُوهِهِمْ حُسْنًا وَجَمَالًا " لَا يَقْتَضِي انْحِصَارَ ذَلِكَ فِي الرِّيحِ فَإِنَّ أَزْوَاجَهُمْ قَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا وَلَمْ يَشْرَكُوهُمْ فِي الرِّيحِ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ فِي الرِّيحِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا حَصَلَ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ سَبَبَ الِازْدِيَادِ " رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى " مَعَ مَا اقْتَرَنَ بِهَا. وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ " نِسَاؤُهُمْ الْمُؤْمِنَاتُ " رَأَيْنَ اللَّهَ فِي مَنَازِلِهِنَّ فِي الْجَنَّةِ " رُؤْيَةً " اقْتَضَتْ زِيَادَةَ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ - إذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الرُّؤْيَةَ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ - كَمَا أَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا كَانَ الرِّجَالُ يَرُوحُونَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَيَتَوَجَّهُونَ إلَى اللَّهِ هُنَالِكَ وَالنِّسَاءُ فِي بُيُوتِهِنَّ يَتَوَجَّهْنَ إلَى اللَّهِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ؛ وَالرِّجَالُ يَزْدَادُونَ نُورًا فِي الدُّنْيَا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ يَزْدَدْنَ نُورًا بِصَلَاتِهِنَّ كَلٌّ بِحَسَبِهِ؛ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ بَلْ كُلُّ عَبْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute