وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ} وَهَؤُلَاءِ حَدَّثُوهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يَقُولُوا: نَشْهَدُ عِنْدَك؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَلْتَزِمُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي التَّحْدِيثِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَدْ يَنْطِقُ بِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي مَاعِزٍ: فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ رَجَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ كَانَ إقْرَارًا وَلَمْ يَقُلْ: أَشْهَدُ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ هِيَ إقْرَارُهُ وَهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ أَشْهَدُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَكَلَامُ أَحْمَد يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ مَالِكٍ و " الثَّانِي " يُشْتَرَطُ ذَلِكَ كَمَا يُحْكَى عَنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. و " الْمَقْصُودُ هُنَا " الْآيَةُ. فَالشَّهَادَةُ تَضَمَّنَتْ مَرْتَبَتَيْنِ: " إحْدَاهُمَا " تَكَلُّمُ الشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ وَذِكْرُهُ لِمَا شَهِدَ فِي نَفْسِهِ بِهِ. و " الثَّانِي " إخْبَارُهُ وَإِعْلَامُهُ لِغَيْرِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ؛ فَمَنْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute