وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ صَحِيحَةٌ بِاعْتِبَارِ؛ فَإِنَّ الزِّيَارَةَ إذَا تَضَمَّنَتْ أَمْرًا مُحَرَّمًا: مِنْ شِرْكٍ أَوْ كَذِبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ نِيَاحَةٍ وَقَوْلِ هُجْرٍ: فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَزِيَارَةِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ وَالسَّاخِطِينَ لِحُكْمِ اللَّهِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ زِيَارَتُهُمْ مُحَرَّمَةٌ. فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ دِينٌ إلَّا دِينُ الْإِسْلَامِ. وَهُوَ الِاسْتِسْلَامِ لِخَلْقِهِ وَأَمْرِهِ. فَيُسَلِّمُ لِمَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَيُسَلِّمُ لِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيُحِبُّهُ. وَهَذَا نَفْعَلُهُ وَنَدْعُو إلَيْهِ وَذَاكَ نُسَلِّمُهُ وَنَتَوَكَّلُ فِيهِ عَلَيْهِ. فَنَرْضَى بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدِ نَبِيًّا. وَنَقُولُ فِي صَلَاتِنَا: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وقَوْله تَعَالَى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} .
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِمُجَرَّدِ الْحُزْنِ عَلَى الْمَيِّتِ لِقَرَابَتِهِ أَوْ صَدَاقَتِهِ فَهَذِهِ مُبَاحَةٌ كَمَا يُبَاحُ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ بِلَا نَدْبٍ وَلَا نِيَاحَةٍ. كَمَا {زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ وَقَالَ: زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ} . فَهَذِهِ الزِّيَارَةُ كَانَ نَهَى عَنْهَا لِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنْ الْمُنْكَرِ فَلَمَّا عَرَفُوا الْإِسْلَامَ أَذِنَ فِيهَا لِأَنَّ فِيهَا مَصْلَحَةٌ وَهُوَ تَذَكُّرُ الْمَوْتِ. فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إذَا رَأَى قَرِيبَهُ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute