مَقْبُورٌ ذَكَرَ الْمَوْتَ وَاسْتَعَدَّ لِلْآخِرَةِ وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ جَزَعٌ فَيَتَعَارَضُ الْأَمْرَانِ. وَنَفْسُ الْحُزْنِ مُبَاحٌ إنْ قَصَدَ بِهِ طَاعَةً كَانَ طَاعَةً وَإِنْ عَمِلَ مَعْصِيَةً كَانَ مَعْصِيَةً. وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ: فَهُوَ زِيَارَتُهَا لِلدُّعَاءِ لَهَا كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ. فَهَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ الَّذِي دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَكَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ مَا يَقُولُونَ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ. وَأَمَّا زِيَارَةُ قُبَاء فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى الْمَدِينَةَ أَنْ يَأْتِيَ قُبَاء فَيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِهَا. وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يَأْتِيَ الْبَقِيعَ وَشُهَدَاءَ أُحُدٍ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ فَزِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ يُقْصَدُ فِيهَا الدُّعَاءُ لَهُمْ لَا يُقْصَدُ فِيهَا أَنْ يَدْعُوَ مَخْلُوقًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا يَجُوزَ أَنْ تُتَّخَذَ مَسَاجِدَ وَلَا تُقْصَدُ لِكَوْنِ الدُّعَاءِ عِنْدَهَا أَوْ بِهَا أَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ. وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَوْتَى عِنْدَ قُبُورِهِمْ. وَهَذَا مَشْرُوعٌ بَلْ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مُتَوَاتِرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ جَاءَ إنْسَانٌ إلَى سَرِيرِ الْمَيِّتِ يَدْعُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَسْتَغِيثُ بِهِ كَانَ هَذَا شِرْكًا مُحَرَّمًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ نَدَبَهُ وَنَاحَ لَكَانَ أَيْضًا مُحَرَّمًا وَهُوَ دُونُ الْأَوَّلِ. فَمَنْ احْتَجَّ بِزِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ وَلِأَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute