للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَالْمُتَحَقِّقُ أَنَّ الْأَحْكَامَ وَالْأَقْوَالَ وَالِاعْتِقَادَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ نَوْعَانِ: عَيْنِيٌّ وَعَمَلِيٌّ تَابِعٌ لِلْمُعْتَقَدِ؛ وَمَتْبُوعٌ لِلْمُعْتَقَدِ فَرْعٌ لِلْمُعْتَقَدِ؛ وَأَصْلٌ لَهُ فَأَمَّا الْأُولَى وَهُوَ الْعَيْنِيُّ التَّابِعُ لِلْمُعْتَقَدِ الْمُتَفَرِّعُ عَلَيْهِ فَهَذَا لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الِاعْتِقَادَاتُ وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا فَإِنَّ حَقَائِقَ الْمَوْجُودَاتِ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِهَا سَوَاءٌ اعْتَقَدَهَا النَّاسُ أَوْ لَمْ يَعْتَقِدُوهَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ عَقَائِدُهُمْ فِيهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ وَإِذْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لَمْ يَكُنْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا بِمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهُ مُطَابِقٌ لِلْمُعْتَقَدِ مُوَافِقٌ لَهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ عَاقِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمَنْ حَكَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ - سَوَاءٌ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ؛ أَوْ غَيْرُهُ - أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْأُصُولِ مُصِيبٌ؛ بِمَعْنَى أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ صَادِقَانِ مُطَابِقَانِ؛ فَقَدَ حُكِيَ عَنْهُ الْبَاطِلُ بِحَسَبِ تَوَهُّمِهِ؛ وَإِذَا رَدَّ هَذَا الْقَوْلَ وَأَبْطَلَهُ فَقَدْ أَحْسَنَ فِي رَدِّهِ وَإِبْطَالِهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ الْمَرْدُودُ لَا قَائِلَ بِهِ. وَلَكِنَّ الْمُنَازَعَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ فِي هَذَا الْجِنْسِ تَشْتَمِلُ عَلَى أَقْسَامٍ وَذَلِكَ أَنَّ التَّنَازُعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ فَقَطْ أَوْ فِي الْمَعْنَى فَقَطْ أَوْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؛ أَوْ فِي مَجْمُوعِهِمَا.