للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ عَنْ مَوْضِعِهِ. وَأَمَّا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ فَفَضِيلَتُهَا مِنْ أَنَّهَا مَسْجِدٌ لِلَّهِ وَبَيْتٌ يُصَلَّى فِيهِ وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَسَاجِدِ؛ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا تَكْثُرُ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَعْتَقَ مِنْ غَيْرِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَزِيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي عَامَّةِ الْمَسَاجِدِ بَعْضُهَا أَكْثَرُ عِبَادَةً مِنْ بَعْضٍ وَبَعْضُهَا أعتق مِنْ بَعْضٍ. فَلَوْ شُرِعَ السَّفَرُ لِذَلِكَ لَسُوفِرَ إلَى عَامَّةِ الْمَسَاجِدِ.

وَالسَّفَرُ إلَى الْبِقَاعِ الْمُعَظَّمَةِ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ حَجٌّ فَالْمُشْرِكُونَ مِنْ الْعَرَبِ كَانُوا يَحُجُّونَ إلَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْثَانِ وَلِهَذَا لَمَّا {قَالَ الْحَبْرُ الَّذِي بَشَّرَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَيَّةِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ: إنَّهُ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ وَهُوَ مِنْ بَيْتٍ يَحُجُّهُ الْعَرَبُ. فَقَالَ أُمَيَّةُ: نَحْنُ مَعْشَرَ ثَقِيفٍ فِينَا بَيْتٌ يَحُجُّهُ الْعَرَبُ؛ فَقَالَ الْحَبْرُ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ إنَّهُ مِنْ إخْوَانِكُمْ مِنْ قُرَيْشٍ} . فَأَخْبَرَ أُمَيَّةَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَحُجُّ إلَى اللَّاتِ. وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ هَذَا كَانَ رَجُلًا يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحَاجِّ وَيُطْعِمُهُمْ إيَّاهُ فَلَمَّا مَاتَ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ وَصَارَ وَثَنًا يُحَجُّ إلَيْهِ وَيُصَلَّى لَهُ وَيُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقَرَأَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ} بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَكَانَتْ اللَّاتُ لِأَهْلِ الطَّائِفِ وَالْعُزَّى لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنَاةُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلِهَذَا {قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ لَمَّا جَعَلَ يَرْتَجِزُ فَقَالَ: اُعْلُ هُبَلَ