فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَيْسَ فِي هَذَا الْكَلَامِ تَنَقُّصٌ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا فِيهِ تَنَقُّصٌ لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ مَضْمُونُ هَذَا الْكَلَامِ تَعْظِيمُ الرَّسُولِ وَتَوْقِيرُهُ، وَأَنَّهُ لَا يُتَكَلَّمُ فِي حَقِّهِ بِكَلَامِ فِيهِ نَقْصٌ، بَلْ قَدْ أَطْلَقَ الْقَائِلُ تَكْفِيرَ مَنْ نَقَّصَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصِهِ، وَهَذَا مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِهِ؛ وَوُجُوبِ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نَقْصِهِ. ثُمَّ هُوَ مَعَ هَذَا بَيَّنَ أَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الدُّنْيَا بِاجْتِهَادِهِمْ لَا يَجُوزُ تَكْفِيرُ أَحَدِهِمْ بِمُجَرَّدِ خَطَأٍ أَخْطَأَهُ فِي كَلَامِهِ، وَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ تَجِبُ مُوَافَقَتُهُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ تَسْلِيطَ الْجُهَّالِ عَلَى تَكْفِيرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ؛ وَإِنَّمَا أَصْلُ هَذَا مِنْ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِيهِ مِنْ الدِّينِ. وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ تَكْفِيرُهُمْ بِمُجَرَّدِ الْخَطَأِ الْمَحْضِ؛ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يُتْرَكُ بَعْضُ كَلَامِهِ لِخَطَأِ أَخَطَأَهُ يُكَفَّرُ ولا يُفَسَّقُ؛ بل ولا يَأْثَمُ؛ فإن الله تعالى قال في دُعَاءِ المؤمنين: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وفي الصَّحِيحِ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ قَدْ فَعَلْت} وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمُنَازِعِينَ فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا: إنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الصَّغَائِرُ وَالْخَطَأُ وَلَا يُقَرُّونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute