وَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فَعِنْدَهُمَا هَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا يُلْزِمُ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ هَذَا كَمَا لَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ. وَالْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْوَكَالَةِ. وَإِذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا: هُوَ كَالتَّوْكِيلِ. وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: إنَّهُ كَالتَّمْلِيكِ. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ يَدِهَا وَلَكِنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَقَعَتْ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لِمَنْ يَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْعَقْدِ لَهَا مَا تَمْلِكُ بِهِ الطَّرْقَ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا. وَلَا رَيْبَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ نِكَاحُهَا بَاقِيًا. فَإِذَا أَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الشَّرْطِ حَقٌّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ رَجُلٍ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ كَلَامٌ وَكَانَ عَلَى عَزْمِ السَّفَرِ فَقَالَ لِوَكِيلِهِ: إنْ كَانَتْ تَرْضَى بِهَذِهِ النَّفَقَةِ الْعَادَةِ فَسَلِّمْ إلَيْهَا النَّفَقَةَ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِالنَّفَقَةِ فَسَلِّمْ إلَيْهَا كِتَابَهَا وَأَنَّ الْوَكِيلَ بَعْدَمَا سَافَرَ الْمُوَكِّلُ سَلَّمَ إلَيْهَا كِتَابَهَا وَطَلَّقَ عَلَيْهَا طَلْقَة رَجْعِيَّةً وَسَيَّرَ عِلْمَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَلَمَّا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ مَا هَانَ عَلَيْهِ فَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَسَيَّرَ طَلَبَهَا فَلَمَّا سَمِعَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا: فَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْمُرَاجَعَةُ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْوَكِيلِ ذَلِكَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute