للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذَا كَانَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ: بِعْتُك بِأَلْفِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: بِأَلْفِ مُتَعَلِّقَةٍ بِرَهْنِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِذَوِي طَبَقَتِهِ. دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُهُ لِذَوِي طَبَقَتِهِ. وَهَذِهِ دَلَالَةُ الْمَفْهُومِ؛ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ تَقْرِيرِهَا؛ لَكِنْ نَذْكُرُ هُنَا نُكَتًا تُحْصِلُ الْمَقْصُودَ. أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَوْلَ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا: مِنْ الْمَالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ؛ بَلْ هُوَ نَصُّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا خَالَفَ طَوَائِفَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ مَعَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. فَيَجِبُ أَنْ يُضَافَ إلَى مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ مَا يُوَافِقُ أُصُولَهُمْ. فَمَنْ نَسَبَ خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ إلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ كَانَ مُخْطِئًا. وَإِنْ كَانَ بِمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مُجْتَهِدًا فَيَجِبُ أَنْ يَحْتَوِيَ عَلَى أَدَوَاتِ الِاجْتِهَادِ. وَمِمَّا يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبُ ظَنُّ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ حُجَّةٌ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ دُونَ كَلَامِ النَّاسِ؛ بِمَنْزِلَةِ الْقِيَاسِ. وَهَذَا خِلَافُ إجْمَاعِ النَّاسِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ إمَّا قَائِلٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ جُمْلَةِ دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ. أَوْ قَائِلٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَتِهَا. أَمَّا هَذَا التَّفْصِيلُ فَمُحْدَثٌ. ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ إنَّمَا قَالُوا هُوَ حُجَّةٌ فِي الْكَلَامِ مُطْلَقًا؛ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً بِكَلَامِ النَّاسِ. وَبِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ؛ وَبِأَدِلَّةِ عَقْلِيَّةٍ