للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ. وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ؛ بَلْ لِفَرْطِ بُغْضِهِ لِلْكُفْرِ بِهِ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ؛ قَصْدًا لِانْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ بِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ؛ فَإِنَّ الْكُفْرَ اللَّازِمَ يَقْصِدُ نَفْيَهُ فَقَصَدَ بِهِ الْفِعْلَ لِنَفْيِ الْفِعْلِ أَيْضًا كَمَا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ فَلِعَظَمَةِ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ عَقَدَ بِهِ الْيَمِينَ لِيَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَازِمًا لِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ؛ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمَلْزُومِ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وُجُودُ اللَّازِمِ وَهُوَ لُزُومُ الْفِعْلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُفْعَلَ أَمْرًا جُعِلَ امْتِنَاعُهُ مِنْهُ لَازِمًا لِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَهَذَا هُوَ عَقْدُ الْيَمِينِ؛ وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ رَفْعَ إيمَانِهِ بَلْ مَقْصُودُهُ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ إيمَانُهُ وَلَا مَا عَقَدَهُ بِهِ مِنْ الِامْتِنَاعِ؛ فَسَمَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هَذَا " يَمِينًا " وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَمِينَ عَلَيْك وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَلَا فِي مَا لَا يُمْلَكُ} . وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْيَمِينَ وَالنَّذْرَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْيَمِينَ وَالنَّذْرَ؛ فَإِنَّ الْيَمِينَ - مَقْصُودُهَا الْحَضُّ أَوْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِنْشَاءِ. أَوْ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّكْذِيبُ فِي الْخَبَرِ. وَالنَّذْرَ مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ وَلِهَذَا أَوْجَبَ سُبْحَانَهُ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ الْتَزَمَ طَاعَةً لِلَّهِ فَأَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ قَصْدًا لِلتَّقَرُّبِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ إلَى اللَّهِ. وَهَذَا كَمَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ عَلَى مَنْ شَرَعَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إتْمَامَ ذَلِكَ لِلَّهِ؛ لِقَوْلِهِ: