للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} الْآيَةَ وَقَالَ: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وَقَالَ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الْآيَةَ. وَمَا ادَّعَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِ السَّلَفِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ حَدَّ الزَّانِي وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كُفَّارًا حَابِطِي الْأَعْمَالِ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ كَمَا أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّينَ وَالْمُنَافِقُونَ لَمْ يَكُونُوا يُظْهِرُونَ كُفْرَهُمْ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَالِّ وَعَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانُوا كُفَّارًا وَمُنَافِقِينَ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ. فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يُحْبَطْ إيمَانُهُمْ كُلُّهُ. {وَقَالَ عَمَّنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وَذَلِكَ الْحُبُّ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الْإِيمَانِ. فَعُلِمَ أَنَّ إدْمَانَهُ لَا يُذْهِبُ الشُّعَبَ كُلَّهَا. وَثَبَتَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ: {يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ} وَلَوْ حَبِطَ لَمْ يَكُنْ فِي قُلُوبِهِمْ شَيْءٌ مِنْهُ. وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} الْآيَةَ. فَجُعِلَ مِنْ الْمُصْطَفَيْنَ. فَإِذَا كَانَتْ السَّيِّئَاتُ لَا تُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ فَهَلْ تُحْبَطُ بِقَدْرِهَا وَهَلْ يُحْبَطُ بَعْضُ الْحَسَنَاتِ بِذَنْبِ دُونَ الْكُفْرِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ. مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ. مِثْلُ قَوْلِهِ: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} الْآيَةَ. دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ السَّيِّئَةَ تُبْطِلُ الصَّدَقَةَ وَضَرَبَ مَثَلَهُ بِالْمُرَائِي وَقَالَتْ عَائِشَةُ " أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّ جِهَادَهُ بَطَلَ " الْحَدِيثَ.