للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: " الرَّحْمَةُ " ضَعْفٌ وَخَوَرٌ فِي الطَّبِيعَةِ وَتَأَلُّمٌ عَلَى الْمَرْحُومِ فَهَذَا بَاطِلٌ. أَمَّا " أَوَّلًا ": فَلِأَنَّ الضِّعْفَ وَالْخَوَرَ مَذْمُومٌ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالرَّحْمَةَ مَمْدُوحَةٌ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عِبَادَهُ عَنْ الْوَهَنِ وَالْحُزْنِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَنَدَبَهُمْ إلَى الرَّحْمَةِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إلَّا مِنْ شَقِيٍّ} وَقَالَ: {مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمُ} وَقَالَ: {الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ. ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} . وَمُحَالٌ أَنْ يَقُولَ: لَا يُنْزَعُ الضَّعْفُ وَالْخَوَرُ إلَّا مِنْ شَقِيٍّ؛ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الرَّحْمَةُ تُقَارِنُ فِي حَقِّ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ الضَّعْفَ وَالْخَوَرَ - كَمَا فِي رَحْمَةِ النِّسَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - ظَنَّ الغالط أَنَّهَا كَذَلِكَ مُطْلَقًا.