بَعْدَ أَنْ تَذْهَبَ الْمَادَّةُ الَّتِي انْقَلَبَتْ نَارًا. كَالْحَطَبِ وَالدُّهْنِ فَلَمْ تَتَوَلَّدْ النَّارُ إلَّا مِنْ مَادَّةٍ كَمَا لَمْ يَتَوَلَّدْ الْحَيَوَانُ إلَّا مِنْ مَادَّةٍ.
فَصْلٌ:
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ كُلَّ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ التَّوَلُّدِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْلَيْنِ وَمِنْ انْفِصَالِ جُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ. وَإِذَا قِيلَ فِي الشِّبَعِ وَالرِّيِّ: إنَّهُ مُتَوَلِّدٌ أَوْ فِي زُهُوقِ الرُّوحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْرَاضِ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ فَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ أَصْلَيْنِ لَكِنَّ الْعَرْضَ يَحْتَاجُ إلَى مَحَلٍّ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَادَّةٍ تَنْقَلِبُ عَرَضًا: بِخِلَافِ الْأَجْسَامِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُخْلَقُ مِنْ مَوَادَّ تَنْقَلِبُ أَجْسَامًا كَمَا تَنْقَلِبُ إلَى نَوْعٍ آخَرَ كَانْقِلَابِ الْمَنِيِّ عَلَقَةً. ثُمَّ مُضْغَةً وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ. وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ: كَخَلْقِ حَوَّاءَ مِنْ الضِّلَعِ الْقُصْرَى لِآدَمَ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا مِنْ مَادَّةٍ أُخِذَتْ مِنْ آدَمَ فَلَا يُسَمَّى هَذَا تَوَلُّدًا؛ وَلِهَذَا لَا يُقَالُ: إنَّ آدَمَ وَلَدَ حَوَّاءَ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ أَبُو حَوَّاءَ بَلْ خَلَقَ اللَّهُ حَوَّاءَ مِنْ آدَمَ كَمَا خَلَقَ آدَمَ مِنْ الطِّينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute